مجلس الرئاسة العراقي : من شب على شيء شاب عليه !
هل كنا نحتاج الى الأربعاء الدامي حتى نكتشف أننا كنا على خطأ كبير حين أرتضينا أن نولي أمرنا الى مجلس الرئاسة الحالي؟ سؤال كبير بحجم الألم والمرارة التي خلفها موقف مجلس الرئاسة، من تحرك الحكومة الأخير نحو المجتمع الدولي لمساعدة الشعب العراقي في محنته التي أستمرت أكثر من ست سنوات بعد سقوط نظام الطاغية صدام,وفي موازنة صعبة جدا توقع العراقيون أن تقف سوريا الى جانبهم، سيما ان دول الجوار وبلا أستثناء قد أكتويت من سياسيات الطيش الصدامي, فقد وقفت سوريا على طول الخط معادية لتطلعات وآمال العراقيين نحو بناء دولة ديمقراطية مؤسساتية، فأحتضنت الإرهاب على أرضها من البعثيين الصداميين وحلفائهم التكفيريين مقدمة لهم التسهيلات والتمويل والتخطيط، في حلف غير مقدس كان من نتيجته مذبحة أستمرت ست سنوات حصدت مئات الآلاف من أرواح العراقيين الأبرياء،وحينما تحركت الحكومة العراقية نحو المجتمع الدولي بطريقة متحضرة، بعد أن أستنفذت كل وسائل الأتصال المباشر بسوريا، لثنيها عن الأستمرار في سياستها التي لم تخفيها قط، نقول حينما فعلت الحكومة العراقية ذلك، فقد النظام السوري بشخص رئيسه بشار الأسد، توازنه وشتم العراق والعراقيين علنا واصفا مطلبهم العادل بأيقاف عملية ذبحهم باللا أخلاقي! وهو الذي يعرف جيدا أن مطلب العراق سيؤدي الى نتيجة مماثلة لما حدث في لبنان والتي ادت الى مزيد من عزلة النظام السوري عن المجتمع الدولي ,
وكل هذا متوقع تماما لكن غير المتوقع هو موقف مجلس الرئاسة العراقي من المطالب الرسمية العراقية التي حظيت بدعم دولي وشعبي كبيرين، فقد بدأ أعضاء مجلس الرئاسة في أول الأمر بأصدار تصريحات تحاول التاثير على موقف الحكومة ، وكانت تصريحات أنفرادية، ثم ما لبث أعضاء مجلس الرئاسة، الرئيس طالباني ونائبيه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي أن تناخوا وأجتمعوا في دوكان بعيدا عن بغداد ليصدروا بيانهم الذي لم يبرئ النظام السوري من دماء العراقيين فحسب ، بل ألقى باللائمة على الحكومة العراقية متهما أياها بتخريب العلاقات العراقية السورية ، وكأن تلك العلاقات كانت حسنة وسمن على عسل، وكأن الأرهاب كان يأتي الى العراق من المريخ وليس عبر سوريا التي لم تخفِ ذلك أبدا!
إن موقف مجلس الرئاسة لا يمكن النظر اليه بمعزل عن تاريخ أعضاءه،وهو تاريخ لو بسط تمام البسط لن يسرهم قراءته قطعا، فعبد المهدي من خلال موقفه هذا لم يغادر ذلك التاريخ المتذبذب بين اليسار والبعث، وطالباني الذي صرح قبل أيام في لقاء في صحيفة الشرق الأوسط أنه كان يتمتع بعلاقات حسنة مع صدام وأن الأخير قد أهدى سيارة فاخرة لزوجته، كان يحتفظ بعلاقات مؤكدة مع صدام وجهاز مخابراته، وهناك من الوثائق ما يؤكد ذلك، وطارق الهاشمي هو الراعي الرسمي للأرهابين في العراق، وكان نهاية مطاف سياسته المعلنة في الوقوف الى جانب الأرهابيين وأخراجهم من السجون بأي ثمن، وما ازاحته عن رئاسة الحزب الاسلامي الا لمواقفه والتي تسيء الى تاريخ الحزب وتجره الى منزلق خطير سيفقده أي تأييد شعبي متبقي،
وما زال في الحلق غصة فضحايا الأنفال سيقاضون عند الله طالباني الذي رفض التوقيع على أعدام قاتلهم بالكيمياوي، مع أن الطالباني من ذات طينة الضحايا، وسيتذكر ضحايا القمع الصدامي في الأنتفاضة الشعبانية والأهوار الموقف المخزي لأعضاء مجلس الرئاسة بأمتناعهم عن أنفاذ حكم العدالة بضباط الجيش والحرس الجمهوري وبالمجرم سلطان هاشم أحمد وبقية المجرمين، ولن ينسى العراقيين أبداً رعاية الهاشمي وتحديه مشاعر العراقيين بأحتواءه مجرمي الأجهزة الأمنية واصطفافه المشين مع الأرهابيين...
إن الأيام الماضية كشفت معدن مجلس الرئاسة العراقي ، وهو معدن أعتراه الكثير من الصدأ، وهو بالمناسبة موقف يضر الجهات التي ينتمي اليها أعضاء مجلس الرئاسة، فما الذي يجنيه المجلس الأعلى الأسلامي العراقي بتاريخه الطويل بالجهاد من موقف عادل عبد المهدي الذي ينتمي اليه، وأمام المجلس الأعلى أستحقاق أنتخابي مهم وعسير، وما ذا سيقول طالباني لضحايا الأنفال أم هو يعد العدة لتقاعد في منعزل جبلي يمضي فيه بقية عمره يجتر الذكريات، وكيف سيواجه طارق الهاشمي أبناء شعبنا الصابر...اسئلة سنترك الأجابة عنها لمن وجهت اليهم، وبالتأكيد فأن الأجابات لن تسر أعضاء مجلس الرئاسة .